بدأت المعركة التي لا مفر منها
أنعشنا رحيق الازاهير المتناثرة بين الصخور المنتشرة على كتف الوادي ودفعنا للبحث عن مساحة صغيرة نتخذها مجلسا لاستراحتنا التي لن تطول. اجبرنا الانتشار الكثيف للصخور بشكل عشوائي في تلك البقعة الجميلة على ان نصل الى أسفل الوادي، لأننا لم نتمكن من إيجاد فسحة نستطيع فيها الجلوس تكون محمية من الجهة المقابلة لنا.
لم نكن نرغب ان نأخذ استراحتنا بالقرب من النهير المار في أسفل الوادي والذي افرد مساحة لشق طريق يربط نسبين بمدياد وكربوران وصولا لكرجوس وحسن كيف ومن ثم نحو باتمان كما أن الآتي من هناك عبر الطريق المذكور وبعد الوادي بمحاذاة النهير -آفا سبي- يصل الى الطريق الدولي الذي يقطع نسيبن باتجاه مدينة جزرة ومن ثم نحو إقليم كردستان العراق وكذلك يمكنه ان يختار التوجه نحو ماردين ورها …..
لهذا كان الطريق على الاغلب لا يخلوا من مرور السيارات وخاصة العسكرية منها التي تخرج في مهمات قتالية او لوجستيكية وتتجه نحو المخافر والقطع العسكرية الموزعة في القرى والبلدات في المنطقة. لم نجد حلا اخر سوى أن نجد مكانا مخفيا من الطريق الذي يمتد على الطرف الآخر من النهر، كان مازال امامنا طريق طويل وشاق.
اخذ قسطا من الراحة مع أكل لقمة من خبز الصاج الذي جهزناه قبل انطلاقتنا من نقطة الشهيد زانا في جبل اومريا لنستعيد قوتنا ونصل الى جبل باكوك دون أي تلكأ او بطأ كانت ضرورة لا بد منها.
ولهذا غامرنا وجلسنا بالقرب من حافة النهر، تكومنا على بعضنا البعض حتى نخفي أي بريق من اسلحتنا عن المناظير الليلية التي يستخدمها العدو، ونخفي شعلة سكائر من يدخنون. لم يكن سهلا اخذ قرار بهذا الكم من المخاطر ولكن انتفاء الحلول يدفع المرء او بالأحرى المقاتل الى اتباع أسلوب المغامرة في اخذ بعض القرارات حتى لو كانت نسبة المخاطرة فيها عالية او نسبة تحقيق الهدف المرجو منه قليلة، ومن تلك القرارات القرار الذي اتخذناه بأخذ قسط من الراحة بجانب النهير الذي يبتعد عن الطريق أقل من مئة متر على أكثر تقدير.
تكومنا على بعضنا مع الانتباه الى عدم اصدار اية خشخشة او أهه او همسة، لان العدو زيادة على انه يسير دوريات مدرعة على الطريق بشكل مستمر فهو أيضا يضع كمائن على أطراف الطريق أيضا. أي لا يمكن استبعاد وجود كمين على الطرف الاخر من النهر بانتظار قطعنا له ووقوعنا في مرمى نيرانه. اثناء توجهنا نحو الجهة الاخرى والتي تبدأ بطلوع قاسي الى اعلى جبل باكوك.
على الرغم من هذه المخاطر جميعا اخذنا قسطا من الراحة، دخن المدخنون بعد مشقة المسيرة الطويلة.
تأهبنا للمسير مرة أخرى.
كان علينا ان ننقسم الى مجموعات صغيرة لنستطيع عبور الطريق دون ان نصبح هدفا للكمائن المحتملة للعدو في الأطراف او تلتقطنا ضوء سيارة عسكرية وحينها ستفرض علينا معركة غير متكافئة. اخذ الرفيقان غيفارا وباور نقطة عالية بجانب النهر لحماية الرفيقين عكيد ودوران اللذان سيقطعان النهر الى الطرف الاخر وبعدها سيأخذ عكيد وضيعة الكمين وفي برهة من عدم وجود أصوات محركات السيارات سيقطع دوران الطريق ويتسلق حافة جبل باكوك على ارتفاع ستين او سبعين مترا عن الطريق ويأخذ وضعية مراقبة الطريق وحماية الرفاق الذين سيتبعونه.
لم يكن سهلا تنفيذ الخطة لان الطريق هذه الليلة ودون عوائده لا تنقطع أصوات المحركات عنه وهو ما يشكل خطورة على اية محاولة للعبور لان اغلبية المحركات هي للسيارات والمصفحات العسكرية، كما ان الوقت مهم جدا لنا، علينا ان نصل الى نقطة آمنة داخل الجبل قبل بزوغ الفجر حتى لا ننكشف لمراصد العدو وطائراته الكشفية المستمرة في الطيران فوق المنطقة، انتظرنا أكثر من ساعة دون ان تهدأ تحركات العدو السيارة، وكأنهم شعروا بان مجموعة من المقاتلين سينتقلون من اومريا الى باكوك.
لا نستطيع البقاء في مكاننا ولا ان نتراجع الى الخلف لأننا سنبقى مكشوفين للعدو لهذا علينا المغامرة واستغلال المسافة بين آليتين لقطع الطريق والوصول الى نقطة تمركزنا المتفقة عليها.
تحركنا، ليس امامنا خيار آخر، توجه عكيد ودوران الى جانب الطريق وكما هو متفق عليه بعد عدة دقائق اعطانا دوران إشارة وصوله وتمركزه اعلى الطريق وبذلك حققنا اول خطوة بنجاح التحق شفكر بعكيد، وأيضا بعد دقائق على الرغم من تحركات اليات العدو اعطى عكيد إشارة وصوله ولكنه أكمل سيره متسلقا الجبل ليتخطى دوران بحوالي المائة متر وتبعهما الرفاق واحدا تلو الآخر كلما وجد أحدهم هدوءا على الطريق.
هدأت أصوات المحركات شيئا فشيئا ولم يعد يسمع حتى من البعيد، كما ان الرفيق خالد كان قد وصل الى نقطة قريبة من سفح الجبل يستطيع منها رؤية الاليات التي تسير على الطريق من الجهتين على مسافة كيلومترات، بذلك تأكدنا عدم وجود كمائن للعدو في الجوار، دفعنا ذلك على التحرك بسرعة وتسلق الجبل كما هو متفق عليه دون ان نحدث جلبة مع البقاء على المسافة بيننا كما هي العادة.
زال هم كبير عن كاهلي بعدما تأكدت من ان جميع الرفاق قد وصلوا الى الحافة العليا من الجبل، تابعت خطى المجموعة مع الرفيق جمعة الذي رفض ان يسير امامي، وصلنا الى الرفيق دوران، طلبنا منه ان يتبعنا، تابعنا التسلق وكلما تخطينا رفيقا يترك موقعه ليتبعنا في المسير، وصلنا الى مشارف السفح المطل على الوادي مع ظهور بوادر بزوغ الفجر،
-علينا الإسراع،

  • احتمال وجود كمائن للعدو على سفح الجبل،
    -علينا اجتياز الكمين ان وجد والتغلغل في عمق الجبل حتى ولو جرت معركة غير متكافئة بيننا، سنجتاز الكمين وننحدر الى الداخل -داخل الجبل – على الجميع التقيد بالخطة الموضوعة في حال وجود الكمين، على الجميع الإسراع نحو المنحدر، كما تعلمون عند قطع السفح ندخل في تضاريس وعرة لهذا إذا لم تصبنا الرشقة الأولى من نيران العدو لن ننصاب بعد ذلك ستحمينا الصخور المتناثرة وشجيرات البطم المنتشرة. احذروا من الرشقة الأولى، تهيأوا لذلك مع وصولكم الى السفح اعتبروا بانكم ستواجهون النيران مباشرة وعلى ذلك الأساس عليكم التصرف. هيا يا رفاق علينا الإسراع.
    ترددت قليلا هل اذهب في المقدمة كما العادة ام أبقي في المؤخرة واطمئن على تخطي آخر رفيق سفح الجبل. قررت ان أبقى في المؤخرة على العكس من القاعدة المتبعة.
    تحرك دوران ومن خلفه عكيد وتبعهم بقية الرفاق بهدوء.
    تنفيذ التعليمات في مثل هذه الحالات هو الخلاص الوحيد وهو الانتصار الأكيد للمجموعة. وهو ما تم خلال مسيرتنا التي دامت حتى الآن أكثر من أربعة عشرة ساعة اخذنا فيها قسط الراحة التي ذكرناه لكم بالقرب من آفا سبي.
    جاء دوري للتسلل وقطع السفح ومن خلفي كالعادة الرفيق الذي لا يفارقني جمعة. تخطينا السفح ولكننا لم نتخطى الخطر، وعلى غفلة منا تلألأت السماء بالطلقات المضيئة، وتتالت رشقات الأسلحة الخفيفة والثقيلة اتجاهنا لا نستطيع التوقف او فتح معركة معهم هذا يعني إبادة جماعية لنا لن نستطيع ان نتخلص من مدى نيرانهم وخاصة نعلم بان سلاح الجو في هكذا أحوال يصل الى منطقة الاشتباكات خلال مدة قصيرة. لهذا تابعنا السير زاحفا أحيانا وراكضا أحيانا أخرى نحو الداخل ونحو مناطق أكثر وعورة حتى نضيع أثرنا. حملنا اخصان مورقة من الشجر حتى نموه أنفسنا مع شكوكنا بوجود طائرات كشفية فوق المنطقة.
    بدأ زئير الطائرات الحربية تصلنا وفي الجهة المقابلة وصلت طائرة هليكوبتر وتم إنزال مجموعة من قوات العدو فوق التلة المقابلة.
  • لقد وقعنا في الحصار، قالها شفكر.
  • استمروا في المسير نحو العمق، لا أحد يطلق النار موهوا أنفسكم جيدا حافظوا على المسافة بينكم. كنت اركض واتخطى افراد المجموعة واحد تلو الآخر يتبعني جمعة كالطيف. وكلما أصل الى أحدهم أقول له: استمروا نحو العمق. حتى وصلت الى المقدمة، طلبت من الرفيق دوران ان يقودنا الى نقطة نستطيع فيها إذا فرض علينا ان نقاوم ونقاتل العدو. يبدو لي انها معركة حياة او موت.
    في هذه اللحظات بدأت الطائرات الحربية بقصف المنطقة ولأول مرة منذ تمركز الثوار في باكوك يقوم العدو بقصفها بالقنابل تصل أوزانها الى أكثر من نصف طن وهي معروفة في لغتنا باسم القازان. ومع القصف المتواصل من الطائرات الحربية بدأت أربع هيلوكوبترات بالحوم فوق المنطقة هي أيضا تحمل الأسلحة والصواريخ ويمكنها ان تصيب الهدف بدقة وكذلك فهي تقوم بأنزال القوات الخاصة على التلال التي تحيط بنا
  • علينا تجنب المعركة لأنها خاسرة، علينا بالتوغل ومحاولة الابتعاد عن مواقع قوات العدو. علينا الإسراع في عدم الوقوع في حصار ضيق. الخروج من الحصار يعني الخروج بأقل الخسائر وفتح المعركة يعني بان الخسائر ستكون كبيرة. الخروج من الحصار بأسرع ما يمكن مع الاستعداد للمعركة التي لا بد منها في موضع نكون فيه متحكمين بالأرض ويكون العدو على الأرض تحت نيران اسلحتنا ضرورة وسيقلل من خسائرنا بعكس ذلك لا يمكننا تقدير النتائج ابدا،
  • بقي امامنا جهة الجنوب والشرق بعد ان احكم العدو السيطرة على جهة الشمال والغرب،
  • يتواصل قصف الطيران وتتواصل الهيلوكوبترات بالتحليق فوق المنطقة، يبدوا انهم قد فقدوا أثارنا وهذا ما نستنتجه من أحاديثهم اللاسلكية التي نستمع اليها.
  • -علينا الانقسام الى مجموعات صغيرة تتجه شرقا وجنوبا، على جميع الرفاق المحافظة على حياتهم، بقاءنا احياء هو ما يميت العدو، استشهادنا يحقق للعدو أهدافه مهما كانت الشهادة قيمة عظيمة، حاولوا السير دون ان تصطدموا مع العدو.
    توزعنا الى مجموعات صغيرة وتوجهت المجموعات منفردة نحو الجنوب والشرق، اقتربت الساعة من الثالثة عصرا وما زلنا نراوغ العدو دون ان نشتبك معه.
    -لقد تخطينا الساعة الصعبة وحتى لو اشتبكنا بعد الآن سنكون في وضعية أفضل وخاصة مع حلول المساء حينها نستطيع ان نبتعد عن المنطقة لا بل ان نصل الى/وادي هسبست/Niwala Quriyê او نصل الى المنطقة السهلية المواجهة لقامشلو، المنطقة التي لن يشك العدو باننا سنتمركز فيها نهارا.
    وانا اتحدث عن تلك الخطط، اشتبكت احدى المجموعات التي انطلقت شرقا مع العدو، صوت رشقات الكلاشينكوف اخبرتنا بان المعركة قد بدأت ولا مفر منها. بدأت المعركة التي أجبرت حينها على ان ينسحب العدو من باكوك وان يزيل قواعده العسكرية التي كانت قد انتشرت قبل سنتين عندما جرت المعركة الكبرى بين قوات ماردين حينها بقيادة الرفيق صبري والعدو أسفر حينها ولأول مرة عن اسقاط طائرة هيلوكوبتر وعدد كبير من القتلى والجرحى لقوات العدو ، الذي لم يسحب قواته حينها بل اقام عدة قواعد داخل الجبل .الا ان المعركة الأخيرة والتي لم يكن خسائرنا فيها كثيرة بسبب المراوغة بالدرجة الأولى حتى الليل وخرق الحصار ومن ثم الالتفاف وضرب نقاط تمركز العدو اجبره على ان يقوم بتجمع قواته خارج الجبل و يحاصر الجبل من اطرافه .كانت لحظة تاريخية بالنسبة لإيالة ماردين.
    حسين عمر
    3/11/2022


بروكسل تلتحق بباريس
حركت اعتقال صلاح عبد السلام الإرهابي الذي كان من المفترض أن يفجر نفسه ضمن الملعب اثناء المباراة بين فرنسا وألمانيا في باريس، بعد مدة من التعقيب والملاحقة -المياه الراكدة في البنية التحتية للتنظيم الإرهابي في بلجيكا. حيث الخلايا النائمة المجهزة، التي تنشط على الأراضي البلجيكية منذ عشرات السنيين بعلم حكوماتها المتعاقبة، وذلك من خلال شبكة متشعبة من الجوامع والجمعيات الخيرية الإسلامية الممولة من السعودية التي تعمل بشكل علني على التبشير ونشر الأفكار المتطرفة بين الجالية الإسلامية والتي تتألف بغالبيتها العظمى الاتراك والمغاربة وهم معروفون بتزمتهم وتمسكهم بمعتقداتهم وتطرفهم.
لقد غضت الحكومات البلجيكية الاشتراكية المتعاقبة النظر عن نشاطات التنظيمات الإسلامية المتطرفة في سبيل كسب أصوات الجالية الانتخابي ولهذا أصبحت بروكسل مرتعا للتنظيم الإرهابي ومنطلقة في تنفيذ عملياته الإرهابية على طول اوربا، لقد انطلق منفذو الهجوم الإرهابي في مدريد عام 2004 من بروكسل وكذلك لندن 2005 وباريس 2015 كل هذا ولم تحصل في بروكسل اية عملية منظمة بل حصلت عدة هجمات فردية قام بها متشددون.
جدير بالذكر بان بلجيكا تضم ثاني أكبر جالية إسلامية في اوربا ويتم تدريس المنهاج الإسلامي في مدارس بروكسل وغيرها من المدن الكبيرة بشكل رسمي واغلبية مدرسيها تلقوا دوارتهم التدريبية في السعودية كبعثات على حسابها او في الجوامع الخاضعة لتأثيراتها، ولهذا يخرج من المدارس البلجيكية نفسها جيل اصولي ينظر الى غير المسلمين نظرة عداء باعتباره لا يطبق تعاليم الدين الحنيف كما يرددون. هؤلاء لا يتأثرون بالثقافة الغربية الا ما طاب لهم واغلبهم متطفلون على الدولة،
لماذا تحركت الخلايا النائمة الان وضربت قلب بروكسل في وقت لم يكن هناك توقع حتى على المستوى المخابراتي حسب المراقبين لأي هجوم من الضخامة التي حدثت. لم يكن خوفا من ان يعترف صلاح عبدالسلام أو ان تستطيع الحكومة الليبرالية البلجيكية في الحد من العنفوان الاصولي المستشري بين جاليتها المسلمة من المكونين التركي والمغاربي , بل باعتقادي الامر مرتبط بالقيادة او الامر أن صح التعبير , قبل سنوات كان الامر سعوديا ولكن تحول الى ان يكون تركيا وهكذا بسبب الثورة السورية استطاعت تركيا ربط اغلبية التنظيمات الإرهابية داخل سوريا والعراق بنفسها وسيطرت على الخلايا التابعة لها والموزعة على الساحة الاوربية وليس بخاف على احد بان العملتين الاجراميتين في كل من باريس وبروكسل حصلتا بعد تحذيرات من الرئيس التركي لا بل نشرت وسائل اعلام قريبة من الحكومة عنوان تعتبر بلجيكا دولة إرهابية بسبب سماحها لانصار حزب العمال الكردستاني بنصب خيمة اعتصام بجانب المقر الأوربي تنديدا بجرائم اردوغان وجيشه ضد الشعب الكردي .
لقد كانت العمليتين الانتحاريتين مروعتين بكل المقاييس أحدهما في صالة انتظار مطار بروكسل الدولي والأخر في مقطورة لمترو الأنفاق الذي يستخدمه أكثر من نصف مليون شخص يوميا.
يبدو أن الحكومة البلجيكية أمام تحد كبير للسيطرة على الوضع، لان تشبع وتوزع وبنية التنظيم الإرهابي لم يعد كما كان تحت المراقبة فهو بدأ يخرج عن المألوف بالقيام بعمليات غير متوقعة، مما يعني خروجه عن السيطرة وهذا ما سيفرض على الجهات الأمنية تغير أساليب تعاملها ومراقبتها ولن يكون ذلك سهلا.
اوربا التي هادنت داخلها ودعمت خارجها التنظيمات الإرهابية أصبحت الان في مأزق لا تعرف كيفية الخروج منه ,لقد استفادت الحركات الأصولية من قوانين الحريات الشخصية واستغلت كل ثغرة فيها لتدفعها نحو الانفتاح أكثر على السماح بممارسة معتقداتها واسست بذلك قاعدة قانونية ودستورية لا يمكن التراجع عنها بسهولة وبدأت تفرض وجودها وتواجدها على الساحة الاوربية بقوة لابل صار الأوربي يخاف من الحديث عن التصرفات العدوانية الصادرةعن المسلمين ومنها محاولاتهم مصادرة الحريات الشخصية فهم كما هو معروف يرون من حقهم اتهام الغير بالكفر ولكن يصدون كل ما يحاول افهامهم بغير ذلك .
يبدو أن الشهور القادمة ستكون قاسية على كل اوربا بسبب تدفق اللاجئين ومعها زيادة في النزعة الإرهابية داخل الجاليات الإسلامية الأصولية.
حسين عمر

2016

اردوغان بين مطرقة الغرب وسندان روسياGMT الخميس 04 أغسطس 2022 08:57حسين عمريطالب دوغو پرنچك -الذي استقبله الرئيس السوري في دمشق قبل فترة – اردوغان بالعودة لمسار العلاقات الطبيعية مع دمشق، والعمل معها من اجل تبديد الخطر الذي يهدد الجانبين حسب برنجك ويقصد الادارة الذاتية في شمال شرق سوريا. وهو يرى بان دمشق لن تمانع في اقامة تلك العلاقة من جديد اذا تنازل اردوغان عن المعارضة السورية، وهي قد أصبحت حملا ثقيلا على تركيا وعليها التخلص منها لان اضرارها على الجانب التركي اكبر بكثير من الفوائد التي جنت منها، ويرى برنجك بانه لا طائل من الإبقاء على معارضة فقدت الصلاحية وخلقت لتركيا العديد من العداوات في المحيط الإقليمي وحتى الدولي ولهذا يطالب بان تعود تركيا الى محيطها الإقليمي والاوراسي والابتعاد عن أوروبا والغرب بشكل عام لأنها لم تجني منهم سوى الخيبات وتم استخدام تركيا من قبل حلف الناتو لزعزعة الأوضاع في الدول التي من المفترض ان تكون حليفة كروسيا والصين ولهذا يركز برنجك في كل مقابلاته ومن خلال الاعلام المرتبط بحزبه /الوطن/ على هذه النقطة وكما هو معروف يعتبر احد اهم الشخصيات – التي تتحدث عنها وسائل الاعلام التركي – الدولة العميقة والداعمة لحكومة اردوغان، وله علاقات جيدة مع الحكومة الروسية ولهذا يحاول بإصرار تأسيس البنات الأولى لإعادة العلاقات بين انقرة ودمشق، والتصريح الأخير لوزير الخارجية التركي الذي بين فيه جهوزية الحكومة التركية دعم دمشق في حال قيامها بمحاربة قوات سوريا الديمقراطية، خطوة تركية متقدمة في سبيل التقارب بين الحكومتين.لقد مهد برنجك للتكويعة المحتملة من اردوغان نحو دمشق بعد ان انسدت امامه كل الأبواب التي طرقها لشن عدوان جديد على الأراضي السورية وتحديدا على مناطق شمال شرقي سوريا للتخلص من الخطر الذي يهدد امنه حسب ادعاءاته وسيحاول في اجتماعه المرتقب مع بوتين غدا التوصل الى اي اتفاق ممكن حتى ولو كان الموافقة على إعادة العلاقات الطبيعة مع دمشق في سبيل تحقيق هدفه ذاك، حتى ولو كانت مقابل تنازلات مؤلمة أولها تطبيق الاتفاقات السابقة بخصوص سوريا ومن المرجح ان يطالب بوتين اردوغان بحسم الموقف من ضم القرم وإيقاف بيع الأسلحة لأوكرانيا. ولا يستبعد البحث في عقد اتفاقيات تجارية إضافية بين البلدين وخاصة ان تركيا تمر بظروف اقتصادية سيئة مع انهيار يومي لقيمة الليرة وزيادة نسبة التضخم بشكل كارثي مما يفرض على الحكومة التركية في هذه المرحلة تطوير وتنويع علاقاتها مع إيران وروسيا في كافة المجالات لان الغرب لن يساعدها في التخلص من أزمتها الاقتصادية، وكما هو معروف هرولت اردوغان نحو الامارات والمملكة العربية السعودية لم تحقق له ما كان يتأمله من المساعدة في تحسين الوضع الاقتصادي ولم يأخذ من حكومة البلدين سوى بعض الامنيات والمجاملات لهذا بقي امامه الدولتين الجارتين /العدوتين لحلف الناتو/. وبقراءة موضوعية للوضع الحالي ان كان في سوريا او على صعيد الحرب الروسية على أوكرانيا، اصبح بوتين اكثر تشددا في مواقفه مع من يساعد او يساند -اعداءه- واكثر حزما في التعاطي مع الدول الأخرى ولهذا يرجح ان يلاقي اردوغان الرفض ذاته الذي لاقاه من قمة طهران.من المفيد ان نذكر ان اردوغان يعاني في الفترة الأخيرة من فقدان الثقة به وبحكومته في الداخل والخارج وهو ما يدفعه ان يهرب الى الامام ويسابق الزمن في سبيل تحقيق بعض المكاسب وخاصة على الصعيد الجماهيري الذي أغدق عليها الكثير من الوعود دون ان تتحقق. كما ان سياسته الداخلية افرزت أعداء كثر له ومنهم من كانوا أقرب اصدقاءه ورفاقه في الحزب هناك استنزاف يومي في صفوف حزبه واخرهم كان مالك اكبر شركة لصناعة المركبات العسكرية والتجارية في تركيا ايثم سنجاك، الذي افشى عن سر كيفية وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة واكد بانهم وصلوا للسلطة بدعم مباشر من الولايات المتحدة الامريكية، وهو ما شكل صدمة على الصعيد الداخلي وسنجاك مثل برنجك من اشد المؤيدين لخروج تركيا من الناتو والتوجه شرقا للتحالف مع روسيا والصين وايران ويتفق العديد من اركان الحزب مع توجهاتهم في أن اوراسيا وليست أوروبا هي المكان الطبيعي لتركيا ومن الصعوبة جدا تحقيق ذلك التوجه بسبب الروابط والجسور الكثيرة والمتشابكة والتغلغل الغربي في كافة مجالات الحياة التركية الثقافية والاجتماعية والعسكرية ولهذا تراه مكبلا بأصفاد الناتو والغرب ومتمنيا بالتحالف مع روسيا والشرق.سيجرب حظه مرة أخرى مع بوتين للحصول منه على صك عدوان جديد على الأراضي السورية كما ذكرنا سابقا على الرغم من ان كل المؤشرات تدل على صعوبة حصوله على الموافقة لان النظام في وضعية مرتاحة والمعارضة فقدت مواقعها ومجموعاتها المسلحة تتقاتل فيما بينها. لهذا من المرجح كما ذكرنا ان يعود اردوغان خالي الوفاض هذه المرة بل سيلاقي ضغوطات من بوتين لإعادة العلاقات مع النظام السوري وتسهيل إعادة سيطرت الأخير على الأراضي السورية المحتلة. ليس هناك أية أدوات في يد اردوغان ليهدد بها بوتين هذه المرة بل للأخير العديد من المطالب التي سيحاول فرضها.باختصار القمة المرتقبة هي قمة تقديم التنازلات من قبل اردوغان لبوتين، لا وجود للفصائل المسلحة السورية في حلب او حمص او درعا ليساوم عليهم ويحقق ما يريده.

https://elaphjournal.com/Web/opinion/2022/08/1482079.html

معركة النجاة في مواجهة الموت


تسرق الغيوم ما تبقى من أشعة الشمس تحاول تغطية أي السنة مضيئة منه، يتحرك الغيمة بسرعة كبيرة يتضارب أمواجه ليعلو هنا وينزل هناك ليسدل الستار على أيام مليئة بالجهد الخارق الذي بذلناه في سبيل الحفاظ على أنفسنا أحياء.
منذ الثالثة فجرا استشعرت مجموعة المرصد بتحركات مشبوهة في الجوار، أصوات الأحجار التي تتدحرج بفعل فاعل وخشخشة أغصان الأشجار التي تصدر بفعل فاعل. وبعد دقائق بدأ المرصد يسمع همسات هنا وهناك وسعال متقطع من هذه الجهة أو تلك، ولم يكن كل ذلك ألا دلائل الى وجود قوات العدو في الجوار لا بل وجود حصار يمكن أن يكون في أكثر من جهة.
بدأنا بتهيئة أنفسنا لمعركة غير متكافئة، لم يكن أمامنا سوى اخذ قرار محاولة اختراق الحصار وحسب معرفتنا بالتضاريس يمكن أن يكون هناك طريق واحد يكون قوة العدو فيها ضعيفة بسبب صعوبة آلية المراقبة فيها -دوائر صخرية صغيرة التفافات صعبة الاختراق، أشجار كثيفة، ولهذا اعتقدنا بان العدو لن يستطيع التمركز في تلك الجهة.
بدأنا بالتحرك البطيء بعد أن سار الرفيق بوتان الذي يعرف تضاريس المنطقة والتواءاتها كما يعرف اسمه، التفت الي وقال: هفال إسماعيل سنحاول الخروج من هنا والوصول الى طرف الآخر خلا ثلاثة أرباع الساعة حتى نستطيع النزول الى الوادي قبل أن الضوء والا فأننا لن نستطيع اختراق الحصار بعد ذلك.
سألته: وإذا لم نستطع؟ معنا رفاق جرحى، لا نستطيع تركهم ولا حملهم بسبب ضيق بعض الإمكان التي سنمر منها، وحتى لو حملناهم سيؤدي ذلك الى بطيء حركتنا وسنضطر الى اخذ استراحات متتالية في الطريق كما أن بقية الرفاق، جميع الرفاق منهكين من المعارك التي يخوضونها منذ أسبوع، لن نصل خلال المدة المذكورة، لن نغامر في السير بمنطقة مكشوفة ولن نترك الرفاق الجرحى وراءنا.
بدأنا أثناء ذلك نسمع من خلال اللاسلكي احاديث قوات العدو الموزعة في المكان واستخلصنا من احاديثهم بان هناك نقطة محددة يركزون عليها وعلى ما يبدو سيتم قصفها بالطيران عند بوادر الضوء الصباحي الأول ومن ثم سيحاولون اقتحامها ، لكن أية نقطة من النقاط المتعدة التي نتمركز فيها عادة في هذه المنطقة ، لم نستطع تحديدها ولهذا لم يكن أمامنا سوى قرار الابتعاد عن كل النقاط التي من المتوقع أن يهاجمها العدو .الاتجاه كان نحو اعلى الوادي ، توقعنا بان العدو لن يقصف تلك الناحية بسبب عدم تمركزنا فيها من قبل وكذلك هي منطقة شبه مكشوفة وصعبة الوصول اليها برا، ألا اذا اتبع العدو الطريق الذي نسلكه تماما وهذ احتمال ضعيف لانه صعب العبور وسيستغرق منه ساعات بسبب حساباته العسكرية والخوف من الكمائن التي من الممكن أن ننصبها له.
اتخذنا قرار السير والوصول الى اعلى الوادي وهناك سنقرر للمرحلة الثانية من تنفيذ خطة الانسحاب أو اختراق حصار العدو.
مشينا قليلا لكن صعوبة التضاريس كانت تبطئ حركتنا، استشعر الرفيق غيفارا -الجريح – بانه سيكون سببا في عدم وصولنا الى النقطة المحددة التي نتوقع أن لا يقصفها العدو أو يجتاحها ، وهو يعلم بان الطريق الذي نسير عليه هو هدف للعدو قبل أية نقطة أخرى لانه يعلم بان لا طريق ننسحب منه ألا ذاك ولهذا سيقصفه وسنكون أهدافا سهلة ، أن لم تصبنا مباشرة فان الشظايا من القنابل والصواريخ التي تصطدم بالصخور وحتى شظايا الصخور ستصيبنا لأنها تتوزع بشكل كثيف في مساحة دائرية في اغلب الأحيان بالنقطة التي يصيبها، يضيق الوقت بنا وتنعدم الحلول الأكيدة منا ، السير ببطيء افضل أو التمركز في المنطقة التي نتواجد فيها ؟ ترك رفاق الجرحى وإخفاءهم والعودة إليهم عندما ينسحب العدو، ليس أمامنا خيارات أخرى.
قررنا عدم ترك الرفاق الجرحى لان إنقاذهم بعد ذلك سيكون صعب جدا، والبقاء أيضا نتيجتها ستكون أما تلقى ضربات الطيران والإصابات ستكون مؤكدة أو السير البطيء ومحاولة السير البطيء وهو الاختيار الأقل تكلفة حسب قناعتنا. ولهذا أكملنا المسيرة واستطعنا الابتعاد عن نقطة تمركزنا مسافة مقبولة قبل أن نسمع أزيز الميغ 15 التي بدأت تحول حول المنطقة لتثبيت الإحداثيات والقيام بقصف نقاط محددة ثلاث مقاتلات يتناوبون الدوران حول المنطقة ومنها المكان الذي وصلنا اليه وما زلنا نسير فيه دون توقف، بدأ الضوء يشق طريقة للوصول الينا وهذا يعني بالنسبة لنا بان وقت القصف قد حان لهذا كان الرفيق باور يحاول أن يراقب اتجاه دوران المقاتلات وفي أي نقطة يحاولون النزول الى الأسفل قليلا ليروا النقطة المحددة على إحداثياتهم.
هفال يبدوا انهم سيقصفون النقطة التي انطلقنا منها. ومع قول ذاك هزت الأرض تحتنا وبدأت تلك الوحوش بتفريغ حملتها من القنابل التي تزن الواحدة منها بين تسعمئة وألف متين كيلوغرام من المواد القاتلة والحارقة وبدأ الدخان يصعد للسماء تاركا تحته نارا بدأ يلتهم الأشجار. لم نتوقف، بل حاولنا الإسراع في المسير لان الضربات الجوية بدأت تتسع رقعتها بشكل دائري على ما يبدو في محاولة من العدو بعدم السماح للقوة الموجودة في النطفة بالانسحاب وتصفيتها قبل وصول القوة البرية الى النقطة.
أدركنا حينها بان الخطر قد خف عنا إذا تابعنا المسير والوصول الى النقطة المحددة وان العدو سيهاجم النقطة التي تم قصفها أولا ومن ثم سيحاول توسيع رقعة حملة التمشيط التي سيبدأ بها،
ما شغل بالنا هو لماذا قصف العدو مباشرة النقطة التي كنا نتواجد فيها؟ هل هناك إخبارية أم اكتشفتنا الاواكس الأمريكي التي تحوم على المنطقة باستمرار أو طائرات الكشف التركية؟ بعد ساعة ونصف من المسير وصلنا الى اعلى الوادي وبدأنا نموه أنفسنا ليأخذ كل منا صخرة أو جذع شجرة يحتمي بها.
خاطبت الرفاق: هل كل شيء على ما يرام، حدا منكم ناقصه شيء؟ لا أحد يتحرك من مكانه دون أخبار الرفيق الحارس، صحيح صعب أن نبقى دون حراك حتى المساء، ولكن لا خيار أمامنا سوى ذلك، إذا مر هذا اليوم علينا بسلام سنصل الى مركزنا وهناك سننسى تعب وجهد هذه الأيام.
حسين عمر
01/05/2022

دوار الدم حذو تلك الجهة وانا سأغطي الجهة الأخرى، كونوا يقظين، لا تستبعدوا وجود الجرحى بين الجثث، راقبوا جيدا حركتها، هيا، لا تبتعدوا عن بعضكم كثيرا، هيا. هيا تحركوا بحذر بالتوفيق هفالنو …انقسمت المجموعة الى قسمين احدهما بقيادة القائدة روناهي والأخرى بقيادة زلال , مهمتهم هي تنظيف الحي من بقايا تواجد عناصر العدو داخل الأبنية , وتنظيف الطرقات والأماكن العامة من الألغام والقنابل المزروعة . لم تكن روزالين قد خاضت اية معركة قبل الآن لهذا فهي مندهشة وهي تسير خلف رفاقها ونظراتها لا تفارق الجدران المثقوبة والجثث المرمية على الأرض , تجمدت في مكانها للحظات , أغلقت عينها برهة لتبعد تلك المناظر المقشعرة عن مخيلتها , كادت ان تفقد توازنها , وبصعوبة وبحركة لا ارادية تمسكت بالرفيقة التي تسير أمامها , ادركت يريفان مباشرة ان روزالين مصابة بدوار رؤية الدم كما يسمونها , اسندتها وطلبت منها ان تغلق عيونها وتحاول تخيل رؤية أي شيء أخر غير الجثث , بدأت تغني لها , طلبت منها ان تردد معها كلمات الاغنية . بدأت تدغدغ جسدها في محاولة منها لاضحاكها، هيا روزا، هيا انها اغنية جميلة، غني غني. وبدأت روزالين تستعيد توازنها وضحكتها المعتادة وسارت خلف بريفان بخطوات واثقة. وفي هذا الاثناء كانت المجموعة قد وصلت الى تقاطع خطر عليهم اجتيازه، في الجهة اليمنى وعلى أطراف البيوت المتراصة وبداخلها يعتقد بوجود مجموعة من الإرهابيين اللذين مازالوا احياء، وهم محاصرين من قبل مجموعة التمشيط العاملة في تلك الجهة ولكن يعتقد بوجود قناصة فوق احدى الأبنية المطلة على التقاطع الذي على مجموعة زلال اجتيازه.تحدثت زلال مع مجموعة التمشيط وخبرتهم بان مجموعتها ستعبر التقاطع والمطلوب منهم الانتباه ومحاولة حماية المجموعة لحين العبور بسلام ,فهم لا يريدون فتح جبهة من هناك كي لا يتأخروا عن اللحاق بالمهمة الموكلة لهم وتنفيذها بأسرع وقت.بدأت المجموعة بالتحضير للعبور وكانت ناديا أولى العابرات، لم تطأطئ رأسها ولا انحت ظهرها بالرغم من التعليمات الصارمة من زلال بتطبيق قواعد القتال، لكن ناديا التي خاضت العشرات من المعارك في مختلف المناطق كانت تمتلك جرأة استثنائية لابل كما كان يقول عنها رفاقها هي مغامرة تغامر بكل المعارك التي تشارك بها وتنجح في مغامراتها الجريئة. تخطت ناديا المعبر واخذت موقعا تستطيع منه حماية بقية رفيقاتها اللواتي ستبدأن بالعبور للحاق بها، وفي هذا الاثناء ارتفعت أصوات الرصاص المتبادل في الجهة الأخرى ويبدوا أن المجموعة الإرهابية قد حصرت في مكان ضيق وتعالت صيحات عكيد يطالبهم بالاستسلام انها اخر مجموعة إرهابية مقاومة في تلك الجهة وبالقضاء عليها يكون ذلك الحي قد أصبح أمنا بعد ان تقوم المجموعات المكلفة بإزالة الألغام بحملة تمشيط دقيقة وشاملة فيها. سارت مجموعة زلال نحو المنازل بعد المعبر ليقوم كل عدة مقاتلات ومقاتلين بحملة تفتيش دقيقة عن الأشخاص والالغام.جلست روزالين على المصطبة الخشبية الممدودة في باحة الدار الذي انهوا للتو من تفتيشه , نظرت لرفاقها وحولت بنظرها الى السماء ومن ثم السلاح المشدود بيدها و اخذت نفسا عميقا ثم نظرت الى بيريفان وقالت : رضى النفس من اهم الخواص التي يجب ان يمتلكها الانسان والرضى هذه لن يحصل عليها الا اذا حقق ما يمكن ان يكون إنجازا شخصيا يضيف الى رصيد إنجازات الفرد في مختلف المجالات والمشاركة في هكذا انجاز –التخلص من سطوة الإرهاب ودحره –هو اعظم الإنجازات التي يمكن للإنسان الافتخار اشعر بالافتخار الآن لأول مرة في حياتي , اعرف اننا نقوم بعمل عظيم خدمة لأهلنا والإنسانية جمعاء . ضحكت بيريفان وتقربت منها، قبلت رأسها، وقالت: هيا رفيقتي ما زال امامنا العديد من المنازل لتأمينها، قبل ان يحل الظلام. حسين عمر 24/06/2017

الخلاف والتوافق في العلاقة الغربية التركية

 

لا تختلف الدبلوماسية الغربية عامة والأمريكية خاصة مع تغيير الرؤساء ولا الحكومات او الكونغرس بل تستمر كما هي مع تغيير بعض الخطط واستخدام أساليب مختلفة في بعض القضايا للوصول الى الهدف المرسوم مسبقا في الدوائر المغلقة ومن قبل اشخاص لا يعرفهم العامة ولا يظهرون او يتباهون بإنجازاتهم او (عظمة) خططهم، الجماعة تلك تترك الإعلان والشرح والتنفيذ لمن يتم اختيارهم لإدارة المرحلة التي هم بصدد تفعيل مقتضياتها والعمل على تحقيق الأهداف الموضوعة مع ترك هامش كي تظهر الإدارة على انها هي واضعة الأهداف، وخير دليل على ما ذهبنا اليه هو تعامل الإدارات الامريكية المتعاقبة مع الحكومة التركية بقيادة اردوغان منذ 2002 وحتى الآن. في بداية حكم حزب العدالة والتنمية رفضت الحكومة التركية حينها في العام 2003 ان تستخدم الولايات المتحدة الأراضي والقواعد الجوية التركية في الحرب على نظام صدام حسين في العراق، كانت هذه هي المرة الأولى بعد الحرب العالمية الثانية -منذ قبول النظام التركي الدخول تحت المظلة الامريكية وعضوية حلف الناتو- على معارضة الطلبات الامريكية وعدم السماح لها باستخدام الأراضي التركية، كان الرد التركي مفاجئ حينها بالنسبة للمهتمين لا بل رفضت التعاون او السماح للقوات الامريكية بالتمركز على الحدود والانطلاق منها نحو الداخل العراقي وربطت أي تعاون او تنسيق بالموقف الأمريكي من القضية الكردية، طلبت تركيا توضيحات مفصلة حول دور البشمركة ومشاركتهم في المعركة المقترحة والخطط الامريكية المستقبلية بخصوص (شمال العراق الكردي)، رفضت أمريكا، رفضت الأخيرة الابتزاز التركي ونتيجة لذلك اوعز اردوغان الى البرلمان بالتصويت ضد مشروع قرار يسمح للقوات الامريكية استخدام الأراضي التركية للهجوم على العراق.

توترت العلاقات بين الجانبين، كانت الحكومة التركية تعتقد بان أمريكا لن تستطيع اجتياح العراق دون مساعدتها والانطلاق من أراضيها ولن تستطيع فتح جبهة من إقليم كردستان بالاعتماد على قوات البشمركة، وحصل ما لم تتوقعه حيث بدأت أمريكا بشن هجومها البري انطلاقا من الكويت وكردستان نحو بغداد. فشلت عملية الابتزاز التركية لهذا قررت حكومة اردوغان الموافقة على استخدام المجال الجوي التركي على الرغم من رفض مجلس النواب، وقررت الزج ببعض من قوات الكومندو الى الأراضي العراقية وتحديدا الى إقليم كردستان، لكن الحكومة الامريكية لم تعر للموضوع أهمية لان قياداتها العسكرية كانت قد وضعت خططها العسكرية وبدأت التنفيذ دون وضع الأراضي او المجال الجوي التركي في الاعتبار. حاولت حكومة اردوغان الاستفادة من حالة الحرب لتعزز من تواجدها العسكري في إقليم كردستان الذي كان ينحصر في المنطقة الحدودية، ولكنها أرسلت هذه المرة مجموعة من الكوماندوس الى مدينة السليمانية لكن البشمركة اعتقلتهم وسلمتهم الى القوات الامريكية وتم شحنهم بشكل مهين وابعادهم الى تركيا.

الشيء الملفت بان الرفض التركي والتوتر الذي حصل حينها لم تؤثر على العلاقة الاستراتيجية بين الطرفين من جهة الولايات المتحدة التي تحملت الصدمة وتابعت مع الحكومة التركية وكأن شيئا لم يكن، بقيت الحكومات الامريكية المتعاقبة تتودد للحكومة التركية وتحاول ارضاءها ان كان في الداخل التركي او خارجه حيث دعمت وبشكل متواصل التدخل التركي في إقليم كردستان وكذلك بعد الثورة السورية خلقت الأرضية المناسبة لتتسلم تركيا قرار المعارضة السورية (الائتلاف الوطني السوري) وربطت جميع المجموعات المسلحة بالقيادة العسكرية التركية ووضعهم تحت اشراف الميت التركي من خلال غرفة موك التي شكلتها في عنتاب وفتحت المجال لتركيا للسماح للإرهابيين من شتى بقاع العالم للدخول من أراضيها الى الداخل السوري والعراقي، لقد كافأت الولايات المتحدة بالتنسيق مع روسيا حكومة اردوغان بالسماح لها باحتلال المنطقة الحدودية الممتدة من جرابلس الى اعزاز والباب، على الرغم من ان تركيا اسقطت الطائرة الروسية قبل ذلك وازعجت أمريكا وقواتها التي بدأت تدعم وحدات حماية الشعب التي دافعت عن كوباني حتى حررتها بالتعاون الوثيق مع التحالف الدولي التي شكلته الولايات المتحدة ليكون غطاء لحملتها في سوريا.

ومع توالي السنوات وتغيير الإدارات في الولايات المتحدة الامريكية لم يتغير أسلوب الرد الأمريكي على التصريحات البلطجية التركية، بقيت وفية لصداقتها ودفعت قرابين من خيرة الوطنيين المدنيين العزل والمقاتلين من وحدات حماية الشعب قرابين لتلك الصداقة أو بعبارة ادق قربانا لحب من طرف واحد، من خلال السماح للطيران التركي بقصف سيارات المدنيين وبيوت المواطنين والمواقع العسكرية لوحدات حماية الشعب داخل سوريا.

لقد كان اردوغان يتحدث قبل اندلاع الانتفاضات العربية او ما تسمى بالربيع العربي علانية عن الدور الذي ستلعبه تركيا في المنطقة وقال خلال احدى مهرجاته الخطابية عام 2010: لتركيا دور مرسوم في مستقبل المنطقة. كتب حينها العديد من المحللين والسياسيين عن تلك المهمة -الدور- متسائلين مصدر التكليف ولصالح من، اتضحت المهمة بعد اندلاع الثورة السورية وتشكيل غرفة الموك وتسليح جماعة الاخوان المسلمين وانطلاق ما تم تسميته بالثورة المسلحة ضد النظام السوري من الأراضي التركية. وتبين بوجود مخطط مسبق من قبل مجموعة من الدول بقيادة الولايات المتحدة التي رأت في تنظيم الاخوان المسلمين الجهة التي ستمثل مستقبل دول المنطقة وتقود حكوماتها، تم توزيع الأدوار، المال من قطر والسعودية والكويت، التدريب والسلاح من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والقيادة والتوجيه من حكومة الاخوان المسلمين التركية بقيادة اردوغان واعلن اردوغان بانه سيصلي في الجامع الاموي بدمشق قريبا وربط المراقبون حينها حديثه ذاك بالدعم الاستثنائي الذي يتلقاه من الدول الغربية ولكن اردوغان ليس بذلك الحليف المطيع الذي ينفذ التوجيهات وظهرت في هذه الفترة تحديدا ميول التفرد والبحث عن إنجازات شخصية لدى اردوغان وتعارضت طموحاته القومودينية مع التوجهات الامريكية بعد فشل تدريب المجموعات (المعتدلة) وظهور جبهة النصرة ومن ثم داعش كمجموعات مسلحة رئيسية والنزوع الطائفي الراديكالي لدى بقية المجاميع المسلحة، تعارضت الرؤى بين الطرفين،في بداية 2014 تنبهت أمريكا الى وجوب مقاتلة الارهابين من بين تلك المجاميع بعد الدعم العلني للحكومة التركية لقوات محمد الجولاني المنشق عن الدولة الإسلامية في العراق وإعلان البغدادي عن دمج سوريا والعراق في تنظيم واحد سماه الدولة الإسلامية في الشام والعراق والتي بدأت بالسيطرة على الأراضي التي (حررتها) جبهة النصرة وبقية المجاميع الراديكالية وظهر حينها الدعم العلني لحكومة اردوغان لذلك التوجه قناعة من اردوغان بان داعش هو التنظيم الذي يمكن ان يحقق له حلمه لانه بعيد عن الهيمنة الغربية او الخليجية وأهدافه يتفق مع طموحات اردوغان في التوسع والاستيلاء على سوريا والعراق ولبنان لتكون نواة إعلانه للسلطنة التي يحمل بإعادة احياءها. وكانت هذه هي نقطة البداية في اختلاف الرؤية الامريكية التركية وهو ما دفعت أمريكا الى البحث عن قوة معتدلة تستطيع وقف التمدد الداعشي ووجدت في وحدات حماية الشعب التي دافعت وقاتلت ببسالة المجاميع الإرهابية من داعش وجبهة النصرة واحرار الشام وغيرها من الذين أرادوا غزو المدن والقرى الكردية وعندما بدأت تركيا دعمها اللامحدود لداعش لتغزو المدن الكردية بدأ من كوباني، قاومت الوحدات ببسالة عناصر داعش المسلحين بالأسلحة الثقيلة التي تركها لهم قوات النظامين السوري والعراقي وبدأت بدعم لوجستي من تركيا (وهذا مثبت بالفيديوهات ووثائق نشرتها العديد من وسائل الاعلام) بالعدوان على منطقة كوباني وبعد مقاومة بطولية تدخلت الولايات المتحدة الامريكية الى جانب المقاومين وبدأت تنسق معهم من الجو لتقصف داعش التي كانت تحاصر مدينة كوباني.

رغم كل تلك الحقائق لم يتغير التعاطي الأمريكي مع تركيا كما تفعل مع من يقف ضد مصالحها ومخططاتها، تراجعت أمريكا في الدعم المقدم للمجاميع المسلحة السورية المرتبطة بتركيا وهو ما أدى الى نشوب خلافات بين الجانبين وتراجع اردوغان من السير مع المخططات الامريكية في المنطقة كما كان متوقعا وبالأخص في سوريا ولو استمر كان في الأعوام الأولى، كانت امريكا ستساعده في احتلال كامل الأراضي السورية وكلنا نتذكر حينها تكرار اردوغان لمقولة بأنه سيصلي في الجامع الأموي قريبا.

نرجسية اردوغان وشراكته مع التنظيمات الإرهابية التي بدأت تقوم بإعمال إرهابية في اروبا دفعت بأمريكا الى التراجع في تقديم المساعدة إليه. وبالتالي محاولة منعه من التمدد المخطط له على كامل الأراضي السورية وظهرت مساندة اردوغان للإرهاب ودعمه له بشكل علني في معركة كوباني، التي تدخلت امريكا لتمنع تركيا من السيطرة على كوباني لان سيطرة داعش حينها تعني سيطرة تركيا، وشكل التدخل الروسي العائق الأكبر أمام وصول تركيا إلى دمشق، لكن روسيا قدمت لأردوغان الذي كان سيبقى خارج المعادلة السورية، ما لم يكن يتوقعه: صفقات اقتصادية كان اردوغان بحاجة لها. وأراضي سورية ليكون له نفوذ فيها وجهادين إرهابيين ارسلتهم روسيا لتقوم تركيا بإعادة هيكلتهم واستخدامهم لتنفيذ أجندتها أن كانت في سوريا او مناطق أخرى من العالم. ولهذا بعد الأحجام الأمريكي عن دعم اردوغان لبسط سيطرته على الأراضي السورية حققت له روسيا ذلك الهدف، أما امريكا فقد بقيت مترنحة بين السكوت على البلطجة التركية وأشعار القلق من تصرفاتها. وهو ما دفع اردوغان بعد احتلال اعزاز وجرابلس والباب بالاتفاق مع روسيا ورضى امريكا أن يطالب بضم منطقة عفرين الكردية الى الأراضي المحتلة، وحقق له بوتين ذلك الحلم، كانت اطماع اردوغان أكثر من ذلك لكن العائق كانت أمريكا وليست روسيا التي تدخلت حسب ما ادعت لحماية وحدة سوريا وهي التي قامت لتحقيق مصالحها بالسماح لتركيا باجتياح المناطق السورية المذكورة أنفا، بعكس أمريكا التي منعته من احتلال منبج. كل ما حصل عليه اردوغان في سوريا كان بالاتفاق مع بوتين الذي فرض واقعا ليقوم الجيش التركي في احتلال عفرين.

بعد احتلال عفرين بسنة واحدة أي ٢٠١٩ جدد اردوغان تهديداته في وجود رئيس أمريكي لا يعرف متى حصلت الحرب العالمية الثانية، بدأ باجتياح جديد واحتلال مدينتي رأس العين وتل ابيض وريفهما وهو ما عزز احتلاله لقسم كبير من الشريط الحدودي السوري.

تهديدات اردوغان ضد الإدارة الذاتية لم ولن تنتهي في محاولة منه القضاء على التواجد الكردي في سوريا، وهو ما يروق للنظام السوري ويكسب تعاطف الروس واللامبالاة الامريكية.

لقد وقف اردوغان ضد العديد من المخططات الامريكية منذ بداية الالفين وحتى الآن وحصل على صواريخ اس 400 التي تتعارض مع المنظومة العسكرية الامريكية، وعمل ويعمل على استفزاز الغرب والتهجم عليهم وضرب مصالحهم والتعدي على حقوقهم البحرية (مياه اليونان وقبرص)، وكل ذلك لم يدفع الغرب الى تغيير موقفه او تعاطيه مع الحكومة التركية بقيادة اردوغان بل تنازلوا له في العديد من القضايا والأمور منها دفع مليارات اليوروهات له في سبيل التوقف عن ارسال اللاجئين وساندوا سياساته التوسعية واحتلاله للعديد من المناطق السورية والعراقية.

المواقف الغربية من الحكومة التركية تستند الى ارث تاريخي من العلاقات المشتركة بينهم وبين الجمهورية التركية تمتد لأكثر من حقبة من الزمن ولهذا تبقى تلك الدول أسيرة لتراكم سنوات من التعاون المشترك وخاصة في فترة الحرب الباردة حيث كانت تركيا الشرطي الغربي في المنطقة ومستودع لتخزين الأسلحة النووية وقواعد عسكرية جوية في مواجهة الاتحاد السوفيتي ومازال الغرب يعتمد على تلك الاستراتيجية في التعامل مع تركيا اية كانت شكل حكوماتها وممارساتها.